عشت حياتي الأكاديمية في كلية التربية الأساسية منذ عام 1986م ويومها تحول معهد المعلمين والمعلمات إلى كلية تربوية لا زالت ترفد المدارس بالكوادر التعليمية الماهرة وتقدم طاقات شابة تخدم بلدها بكل فخر واخلاص. وأجدني اليوم أتذكر ملامح الفتاة الجامعية يومئذ لأستخلص منها توجيهات نافعة. كان الفارق شاسعا بين نمط العيش في مرحلة الثانوية العامة وبين الحياة الجامعية الجديدة الحافلة بالاعتماد على النفس في ضوء نظام المقررات الذي يعتبر نظاما جديدا. يومها درست عند عدد من الأساتذة الرائعين أذكر منهم عبداللطيف الخطيب، وعبدالعزيز أكبر، وعبدالله حسن، و سالم عباس خداده وغيرهم من ذوي الفضل والعلم والرتب العلمية الرفيعة. فرحتي عظيمة اليوم وأنا زميلة في الكلية لبعض أولئك العلماء الأجلاء. تعلمتُ من هؤلاء المربين أهمية البحث وكانت توجيهاتهم الحكيمة، وتعليقاتهم الثمينة ممهدة إلى طريق الدراسات العليا، وفرصة للتمكن العلمي والتجول المنهجي بين جنبات المكتبات الخاصة والعامة. وفي تلك المرحلة المهمة زاد لدي منسوب الفكر المنطقي وتلمست غايات العملية التربوية حيث نمت مهاراتي وقيمي وخبراتي على نحو صبغ شخصيتي تأصيلا وممارسة. الكل يريد الحصول على الشهادة ولكن يجب ألا نغفل عن أمر مهم وهو تنمية الذات والاستمتاع برحلة الاستكشاف والتعلم والتنمية فحياتنا لا تقدر بثمن، وحياتنا أغلى من أكبر شهادة علمية عديمة النفع. في زحمة المشاغل والمشكلات العالقة بالدراسة الجامعية قد يغفل البعض عن الغايات الكبرى للتعلم وينشغل بالحصول على الدرجات والشهادات دون الالتفات كثيرا إلى تنمية الذات وصقلها بشكل شامل. وفي كلية التربية الأساسية اكتسبت صداقات كثيرة فشاركت مع عدد من الفاضلات في أنشطة ثقافية متنوعة فعملت مع حنان سنان، وخولة المحارب، وراوية الحميدان ... وهذا الأمر زاد من ثقافتي النقابية والقيادية حيث كنا نمد يد العون لقسم التسجيل في بداية كل فصل دراسي فنشارك في عملية تنظيم دخول الطالبات لقاعة التسجيل. واليوم وبعد الاستعانة بتسجيل المقررات عبر الانترنت (نظام البانر) هناك إيجابيات كثيرة إلا أننا نجد صعوبات جمة فيما يتصل بالشعب المغلقة؛ فهي أزمة متفاقمة تؤرق الطلبة والأساتذة وجميع العاملين في المؤسسات الجامعية. وفي هذا المقام أود أن أخص الطلبة بالنصح فأقول احرصوا على التعلم داخل الفصول الدراسية وخارجها، فنطاق الثقافة الأكاديمية واسع ومتجدد. اغتنموا الساعات المخصصة للإرشاد والتوجيه، وكذلك عليكم بالتعاون مع مكتب التسجيل الذي يضم طاقات مخلصة وكوادر متميزة هدفها خدمة الطلبة في حدود الإمكانات المتاحة. ومن الأمور المهمة متابعة منشورات العلاقات العامة في الكلية وهي منشورة الكترونيا وورقيا. ولا أبالغ إذا قلت إن الحياة الجامعية تزدهر بممارسة الأخلاق الرفيعة في التعامل، والتنسيق مع الأقسام العلمية، والتفاعل الايجابي مع جميع العاملين في الكلية. ومن منظور التنمية المستدامة فإن الفتاة الجامعية الناجحة هي التي تحرص على كليتها فتطلب العلم بلا حدود، وتحترم وتقدر جميع التخصصات المتعلقة بالعلوم والفنون والآداب، وتساهم - كلما سنحت الفرصة - في اعلاء شأن كليتها، ولا تشكل عبئا على أسرتها بل تستطيع أن توازن بين تحقيق مطالبها العلمية وبين ممارسة حياتها الأسرية