زارني في منزلي أعضاء البرنامج التلفزيوني الناجح «زوارة شاي الضحى»، الإثنين الماضي، وتشرفتُ بزيارتهم. كان حديثنا عن غرس حب الأعمال التطوعية في نفوس أطفالنا لبناء عالم أفضل.لقد حققت الكويت مكانة متقدمة ومرموقة في العمل الإنساني، وغدا سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح ــ حفظه الله وسدد خطاه ــ قائداً للعمل الإنساني في عام 2014، وهذا اللقب مرحلة تاريخية مضيئة، وحريّ بنا بعد هذه النقلة النوعية أن نضاعف العمل ونزيده إتقاناً وإحساناً واتساعاً.إن جولة قصيرة مع أطفالنا وأحفادنا في سوق المباركية وما حولها ستحكي لنا حكايات حلوة لهم، وتذكرنا جميعها بجمال العمل التطوعي ولطافته ولباقته، فهنا مسجد بناه فلان، وهناك تم تجديده على يد هذا المحسن، ونجعل الطفل بعمد وقصد يقرأ اسم المسجد أو المدرسة أو المكتبة، أو اسم السبيل، ومَن الذي شيده، ونسألهم عن سنة تأسيس البناء استناداً إلى ما هو مدون على هذه المباني التاريخية الشامخة.إننا بهذا المسلك التعليمي ندخل عالم الطفل، وننتقل معه إلى عوالم فسيحة خالدة وذكريات ساحرة باقية، يستشعر فيها بجلاء أهمية الإحسان في بناء تاريخ الإنسان. بهذه الأسئلة نحفر في أعماقهم، ونحفز أذهانهم، ونوقظ مداركهم لرؤية جوانب جليلة من عظمة العمل الخيري، وجمال سيرة الأجداد.تاريخنا الكويتي الناصع بالبر وحب الخير يوزن بالذهب، ولهذا علينا حث المربين على الاطلاع على كتاب «خالدون في تاريخ الكويت» للشيخ عبدالله النوري رحمه الله، وعرض قصصه على نحو يلائم عقلية الناشئة.والمتتبع للحراك العالمي يلحظ دور المؤسسات التعليمية في تنشيط العمل الخيري، ففي جامعة أريزونا على سبيل المثال يتم تشجيع الطلبة على العمل التطوعي وخدمة قضايا الطفل، لدرجة أن قدم الطلبة أكثر من 1.8 مليون ساعة في العام الماضي لتحسين الحياة للمحتاجين محلياً وعالمياً.إن العمل الخيري في مجتمعنا المعاصر يتسم بصفتين متكاملتين:الصفة الأولى: العمل الخيري ذو طابع عالمي مؤسسي، قائم على الرحمة ومد يد العون للبشر في إطار التنمية المستدامة، التي تهدف إلى تحسين وتنظيم حياة البشر، وتتسع الدائرة لتشمل ــ بطبيعة الحال ــ حماية ورعاية البيئة الكونية بأسرها.الصفة الثانية: إنه ذو طابع وطني يستند إلى توجيهات الدين الإسلامي السماوي السمح، وساحته تاريخنا العريق، حتى أصبح العمل الخيري من أبرز أنشطتنا، ويكفي مشاهدة ومعاينة الإنجازات الرائعة التي عايشنا بعضها في شهر رمضان الكريم، فكانت بكل أمانة تثلج الصدور وتبهج الأرواح بحمد الله، وتبرز دور الكويت على نطاق عالمي.إن إسعاد الناس وتخفيف معاناتهم، والتصدي للأعاصير التي تجتاح حياتهم رسالة خالدة لحماية الأحياء، وصيانة الحياة، وصناعة التاريخ المشرف، وللأطفال دورهم الطلائعي المرتقب لصنائع المعروف.