تسجيل الدخول
notification                                                                                                                                                                                       
notification المنصات التعليمية
notification الدعم الفني

للتواصل مع مكتب المساعدة الخاص بالحاسب الآلي الاتصال على

رقم البدالة في الفترة الصباحية 1806611 داخلي 1333

اضغط هنا للتواصل مع ادارات ومراكز الهيئة

 ارسال رسالة للشكاوى الى البريد الإلكتروني  GITHelpDesk@paaet.edu.kw

للتحدث مع موظفي الدعم الفني لأي مشكلة تقنية اضغط هنا

أ.د لطيفة الكندري


من أغرب صور الغفلة في حياة البشر التركيز على الجزئيات والتفاصيل الهامشية، وإهمال الكليات والإعراض عنها. وللقرآن الكريم مقاصده
 لرعاية المصالح الكلية، المرتبطة بالدين والنفس والعقل والمال والعرض، التي تضمن حياة كريمة، وتكفل نهضة مجتمعية قويمة. لا يُعقل لدين هو رحمة للعالمين أن يفرط في الحقوق الأساسية للبشرية. من المقاصد الكبرى للقرآن تهذيب النفوس، وتحرير الفكر لرعاية الحقوق على وجه يحفظ مصالح الجميع.وجد مُحَمَّد الطَّاهِر بن عاشور، شيخ جامع الزيتونة بتونس في القرن الماضي، أن إصلاح التعليم، وتحرير العقل والقلب من الأوهام، ومنع الفساد، وبسط مظاهر الحرية والسلام هي المقومات الأساسية التي قررها القرآن، وآمن ابن عاشور باليقظة الفكرية فقال «وكان إصلاح الاعتقاد أهمّ ما ابتدأ به الإسلام، وأكثرَ ما تعرّض له، وذلك لأنّ إصلاح الفكرة هو مبدأ كلّ إصلاح».قدم ابن عاشور في مقدمة تَفْسِيره «التَّحْرِير والتنوير» منطلقات ضرورية لفهم مقاصد القرآن منها «إن القرآن أنزله الله تعالى كتاباً لصلاح أمر الناس كافة رحمة لهم؛ لتبليغهم مراد الله منهم، قال الله تعالى «وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)» (سورة النحل). فكان المقصد الأعلى منه صلاح الأحوال الفردية، والجماعية، والعمرانية. فالصلاح الفردي يعتمد تهذيب النفس وتزكيتها، ورأس الأمر فيه صلاح الاعتقاد، لأن الاعتقاد مصدر الآداب والتفكير، ثم صلاح السريرة الخاصة، وهي العبادات الظاهرة كالصلاة، والباطنة كالتخلق بترك الحسد والحقد والكبر».وأوضح ابن عاشور أن الصلاح الجماعي يحصل «أولا من الصلاح الفردي، إذ الأفراد أجزاء المجتمع، ولا يصلح الكل إلا بصلاح أجزائه، ومن شيء زائد على ذلك، وهو ضبط تصرف الناس بعضهم مع بعض على وجه يعصمهم من مزاحمة الشهوات ومواثبة القوى النفسانية، وهذا هو علم المعاملات، ويعبر عنه عند الحكماء بالسياسة المدنية. وأما الصلاح العمراني، فهو أوسع من ذلك، إذ هو حفظ المصلحة الجامعة عند معارضة المصلحة القاصرة، ويسمى هذا بعلم العمران وعلم الاجتماع» (باختصار).وعبر منهج الاستقراء توصل ابن عاشور إلى المقاصد الأصلية للقرآن الكريم وهي ثمانية أمور، سوف أُوجزها في ما يلي: الأول: إصلاح الاعتقاد، والثاني: تهذيب الأخلاق، والثالث: التشريع، والرابع: سياسة الأمة لحفظ نظامها، والخامس: القصص وأخبار الأمم السالفة للتأسي بصالح أحوالهم وللتحذير من مساويهم. والسادس: التعليم بما يناسب حالة عصر المخاطبين. والسابع: المواعظ والإنذار. والثامن: الإعجاز بالقرآن ليكون آية دالة على صدق الرسول، صلى الله عليه وسلم.والخلاصة أن ابن عاشور قرن مقاصد القرآن بالإصلاح «الفردي والمجتمعي والعمراني»، القائم على العناية بتحرير الاعتقاد، وتنوير الفكر، واتخاذ أصول التربية الإسلامية الاجتماعية بمقاصدها الرحيمة وسيلة رائدة لتغيير الفرد والمجتمع، وبث مفهوم الإثراء العمراني