تسجيل الدخول
notification                                                                                                                                                                                       
notification المنصات التعليمية
notification الدعم الفني

للتواصل مع مكتب المساعدة الخاص بالحاسب الآلي الاتصال على

رقم البدالة في الفترة الصباحية 1806611 داخلي 1333

اضغط هنا للتواصل مع ادارات ومراكز الهيئة

 ارسال رسالة للشكاوى الى البريد الإلكتروني  GITHelpDesk@paaet.edu.kw

للتحدث مع موظفي الدعم الفني لأي مشكلة تقنية اضغط هنا

أ.د لطيفة الكندري

هل نستطيع استعادة ابتسامة الطفولة في أنفسنا لتجديد حياتنا ومعالجة جروحنا وأوجاعنا؟ لو تخيلنا عالماً بلا أطفال فنحن نتحدث عن عالم فاقد لمقومات الجمال والاعتدال. عالم بلا ضحكات الأطفال هو عالم أبتر أخرس يسوده اليأس والاضطراب، وينقصه الصفاء والاتساق.
الطفولة أسمى مرحلة عشناها، لا لأنها خالية من الكدر والمشاق ــــ وهذا محال ــــ ولكن لأن الطفولة مرحلة إنسانية لا تعرف الأحقاد والكراهية والتصنيفات المذهبية والسياسية والطبقية التي «تعشعش» في عقول عالم الكبار، وتهشم المكون الاجتماعي. عالم الطفولة مشحون بالزعل والاختلاف والتجارب غير الناضجة، لكن المشاكل سريعة الانتهاء في أسبابها ونتائجها وآثارها. لا يصعب على الطفل أن يتخلص من مشاعر الخصام، أما الكبار فخوالج الخصام تتعاظم لديهم، وقد تتحول إلى شهوة انتقام.
مشاعر الطفل الغاضب مهما كانت فهي مؤقتة لا تحول دون بناء اتفاقات جديدة مفعمة بالأمل والصلح، أما الكبير في حال «سورة الغضب» لا يملك نفسه، بل ربما ينسف مستقبله، ويشتت شمل أسرته انتصاراً للذات من دون اطالة الفكر.
هل من الحكمة أن نستعيد مشاعر الطفل ونمط تفكيره فلا نلجأ إلى العزلة إلا بقدر محدود ثم بسرعة البرق تنبت في قلبنا أزهار الأمل فنعيد للصداقة قوتها، وللأخوة معانيها، وللمحبة طاقاتها وأنوارها؟ يمكننا أن نعود إلى طفولتنا كلما اشتدت المحن حولنا، فالطفل يثق بالأمل ولا يقطع حبل الرجاء. يمكن للكبار استعادة مشاعر الطفولة، لا سيما إذا وقع الخصام، فلا يلجأ إلى الانتقام بل يعبّر عن غضبه ثم يبني علاقات إنسانية بسيطة بعيدة عن الأحقاد وعقدة النقمة.
لا أكف عن التفكر في عالم الطفولة وجمالياته، وأشعر أن شيئاً هائلاً يجذبني إلى التفكر في عالم الأطفال ويشدني نحو التأمل في حياتهم حبّاً في مشاركتهم، وطمعاً في تسلية النفس، وشوقاً إلى استعارة بعض طبائعهم الفطرية النقية. قلب الطفل روض باسم بلا أحقاد، وعقله يمقت التصنيفات الضيقة، فعندما ينظر إلى طفل حوله ينطلق معه فلا تهمه الجنسيات أو المذاهب أو الأديان أو الأشكال، المهم لديه أنه يأنس بالإنسان.
العودة للنظر في أحوال مراحل الطفولة ونسماتها السعيدة فكرة فاتنة وجديرة بالتأمل. كلما كبر الإنسان تتكاثر الاحباطات والمحددات المصطنعة من حوله، وهذه المحددات هي أغلال تشحن العقل بالأوهام التي تجعله ينفر من التعامل الراقي الواعي مع كل من يختلف عنه أو معه في الوطن أو الدين أو الجنس أو العرق.
إنني أجد مع أنفاس الطفل حلاوة الأحلام، وجمال الأيام، وصدق الأحوال، وفي نور عينيه اشعاعات تمدنا بإشراقات الأمل، فكراً وتوجهاً وعاطفة. لا يقطع الإنسان الراشد صلته بالطفولة، بل يصطحب معه المعاني الرفيعة المكتنزة في جنباتها، وأهمها الحب بلا حدود، والرغبة المدهشة في الاستكشاف، والبعد عن نزعة التصنيف المؤدية إلى خلق الأحقاد التي تمزق الروابط الإنسانية.