تسجيل الدخول
notification                                                                                                                                                                                       
notification المنصات التعليمية
notification الدعم الفني

للتواصل مع مكتب المساعدة الخاص بالحاسب الآلي الاتصال على

رقم البدالة في الفترة الصباحية 1806611 داخلي 1333

اضغط هنا للتواصل مع ادارات ومراكز الهيئة

 ارسال رسالة للشكاوى الى البريد الإلكتروني  GITHelpDesk@paaet.edu.kw

للتحدث مع موظفي الدعم الفني لأي مشكلة تقنية اضغط هنا

أ.د لطيفة الكندري

السلوك العفوي أرسخ أثرا من أقوالنا ومواعظنا. من أشكال السلوك المستتر المنبوذ أن يتحدث المرء عن النظافة أو النظام أو التقيد في استخدام حزام الأمان أثناء قيادة المركبات، ثم لا يمارس ذلك إذا غابت عين الرقابة أو يد المساءلة. لا قيمة للمقولات والشعارات بلا رصيد يسندها من الواقع ويترجمها إلى عمل. يشكل المنهج الخفي ــــ في الغالب ــــ شخصية الفرد فيتشرب ما يشاهده ويستقر في قلبه ويقلده، ويتجه الفرد تلقائيا نحو الشكليات ولا يكترث بالجوهر فينكب على الدراسة ليتوظف فحسب، ويعمل الطبيب بجد لينال الحافز المادي ولا يلتفت البعض منهم، إلى متطلبات رسالتهم الإنسانية النبيلة فتراهم لا يترددون في كتابة اجازات مرضية لمن لا يستحقها. هذا المضمون المتناقض من البعض يشكل بناءً ايديولوجيا يحدد أنساق الفرد المعرفية، وقيمه المزدوجة، وخلفياته المستترة.
ويظهر السلوك المستتر بعدة أشكال ودرجات، فهناك من يُسهب في الحديث عن احترام حقوق الانسان في العلن ثم يفترس من يعارضه، ويسحق كرامته من وراء ظهره، وأحيانا أمام الملأ، وصنف يتكلم عن الوحدة الوطنية كلاما عذبا منمقا ثم يمزق القيم عندما تتعارض مع مصالحه الحزبية. هذا اللون من النفاق الاجتماعي يقع فيه الفرد، إذا انساق خلف رغباته الجامحة، وتوقف عن مراقبة الذات، وامتنع من النظر الناقد في موجهات منظومة القيم. ومن الممارسات الخاطئة انبساط بعضهم في التحدث مع النساء وعندما يكون في معية زوجته يتصرف على نحو مغاير ولا يسمح لقريباته بالتعرف على الآخرين، بل قد يغيّر طريقه في الأسواق كي لا يقابل أحدا يعرفه. ما زلت أذكر أن أحدهم تحدث معي مرة في مسائل ـــــ أضحكتني وحيرتني ـــــ تخص ألوان الخامات النسائية، والموضة في اللباس وبعد فترة وجدته شخصا متناقضا لا يسمح لأحد ـــ لو سنحت الفرصة صدفة ـــ أن يعرف زوجته وبناته، فضلا عن التحاور معهن في شؤون عامة تمس صميم حياتهن.
ومثل هذه الصورة المهزوزة للرجل في تفكيره وتصرّفه نجد الأم ذات السلوكيات المستترة الغريبة فتجدها تتحدث عن الرقة والحب والحنان، ولكنها خلسة تتعامل بقسوة مع العاملات في المنزل ومقر العمل وتورث سلوكها الفج لأولادها، من حيث لا تعلم فلا تفطن إلى أن ممارساتها القاسية تشكل المنظومة القيمية القلقة في حس الطفل مع مرور الأيام. وكذا المجتمع يفتخر بعروبته، وفي الحقيقة يفر كثير من أبنائه من التخصص في هذا المجال رغم وجود الحوافز المادية.
إن الصراع القيمي يبلغ قمته عندما يتعلم الناشئة «من غشنا ليس منا»، و«النظافة من الإيمان»، والإحسان في العمل عبادة، وديننا دين الرحمة والتسامح ثم يجد نماذج يومية تتصادم ــــ على نحو فاضح ــــ مع معطيات تلك الفضائل الكبرى. ومن المفارقات أن تنفق الدولة مبالغ ضخمة لتشجيع الفنون الجميلة بخطوات متئدة متواترة، ولكن هناك فئات تنشر التوجهات المتشددة التي تهاجم الفنون بشراسة، وتضع موانع كابحة للتنمية مما يولد التشوّهات المعرفية، والفاعل ضمير مستتر تقديره في ذهن القارئ!