تسجيل الدخول
notification                                                                                                                                                                                       
notification المنصات التعليمية
notification الدعم الفني

للتواصل مع مكتب المساعدة الخاص بالحاسب الآلي الاتصال على

رقم البدالة في الفترة الصباحية 1806611 داخلي 1333

اضغط هنا للتواصل مع ادارات ومراكز الهيئة

 ارسال رسالة للشكاوى الى البريد الإلكتروني  GITHelpDesk@paaet.edu.kw

للتحدث مع موظفي الدعم الفني لأي مشكلة تقنية اضغط هنا

أ.د لطيفة الكندري


في بداية عهدي بالحياة الأكاديمية كنت أتحاور مع عدد من المختصين، وشعرت بالغرابة من تهرُّب البعض من الخوض في قضايا تمسُّ تخصصهم، بل وجدتُ نفوراً من تبادل الدراسات. ومع مرور الوقت تأكدت من صنف من الأساتذة يتجنَّب النقاشات العلمية، ويخفي دراساته بدهاء. وتمر الأعوام ولا ينتفع البلد من رسائلهم وبحوثهم التي كلفت الدولة الكثير.
«الدكتور الصامت» لا يقدم اقتراحات تطويرية، يحضر المؤتمرات ويعجز عن وصفها في ورقات، ويُحجم عن المشاركة في مقابلة تلفزيونية. ترعرع هذا الصنف الانتهازي في ظل العلاقات الاجتماعية، فوصل إلى مناصب أكبر من حجمه، ومراتب لا تسع جهله. «الدكتور الصامت» يحصل على شهادته من جامعة غير معترف بها أو بأي طريقة ملتوية، وقوته محصورة في شبكة معارفه الاجتماعية لا العلمية.
كتمان العلم صفة مذمومة إلى أبعد الحدود، لكن «الدكتور الصامت» يخفي دراساته بمكر، ويبحث عن الأعذار ليضمن أن منتجاته العلمية بعيدة عن الأنظار، يعلوها الغبار. الهوس بالشهادات والترقيات العلمية والأبحاث الأكاديمية دفع عدداً من الموظفين لمسالك غريبة الأطوار، فهم يحصلون على شهادات مُريبة في تخصصات لا تلبي احتياجات الواقع.
هل تغير واقعنا فأصبحت مؤسساتنا تشهد سمنارات علمية ذات تطبيقات جديدة تعكس بركة الشهادات، التي أمطرت علينا فجأة؟! هل المبالغ الطائلة التي نقدمها لمن حصل على الشهادات حققت مقاصدها في الارتقاء بخدماتنا؟ وما الثغرات في هذا الجانب؟ هل الشهادات العلمية غاية في ذاتها أم وسيلة تطويرية؟ ثمة مفارقات فكرية كثيرة تجتاح الميدان أضاعت هيبة العلم، ومسخت قيمة الدورات التدريبية، وشوهت مفهوم التنمية المهنية، فهل نستفيق بعد صدمات الشهادات المزورة؟
وضعت الدولة رؤية 2035، وهي رؤية طموحة إلى أبعد الحدود وانطلقت في تطبيقها، لكن التطورات الصادمة في شأن الشهادات المزيفة تحول الرؤية إلى مجرد شعارات براقة خاوية من مضامينها المضيئة، ولقد شبعت الشعوب العربية من الخطابات الزاهية، التي لا تحقق نهضة حقيقية.
وبناء على المتغيرات السابقة، فإن وضع آليات شفافة لتقليص نزيف الشهادات المزيفة وغيرها بات أمراً ضرورياً. ومن تلك الآليات المقترحة وضع توجيهات لمسار الدراسات العليا، بحيث تصب محصلتها في مصلحة استراتيجية الدولة. هذه خطوة يشترك في وضعها أهل الاختصاص والميدان وصناع القرار وفق رؤية الدولة 2035، وإلا أصبحت الشهادات الجامعية ذات وظيفة شكلية لا تثري الميدان، بل تزيده رهقاً.
الشهادات الدراسية مسؤولية جسيمة، لكن البعض اتخذها مطية للوجاهة، والحصول على رواتب عالية، ولتحسين الكادر الوظيفي فقط. هذا الصنف المزيف يعرقل مسيرة الخطط التنموية ويجعلها شكليات هشة خالية من القيم والأخلاقيات المهنية التي قال عنها الشاعر:
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُمْ
وَلَوْ عَظَّمُوهُ فِي النُّفُوسِ لَعُظِّمَا
وَلَكِنْ أَذَلُّوهُ فَهَانَ وَدَنَّسُوا مُحَيَّاهُ
بِالْأَطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَّمَا
لا رجاء في الإصلاح إلا بالحزم لنرد إلى العلم اعتباره بعد الهوان. إن وضع السير الذاتية على شبكة الانترنت مع نماذج من الانتاجات العلمية وسيلة لإثراء الميادين، والتعريف بالباحثين، وفضح المتقاعسين، وكشف المدلسين.