هل نستطيع أن ننجح؟ هل من الممكن أن نتعلم من قصص من استطاعوا أن يحولوا فكرة بسيطة إلى منظومة تساوي الملايين من الدنانير؟.. تتبادر هذه الأسئلة في أذهاننا بمجرد أن نقرأ قصة من قصص أحد العصاميين الذين بدأوا مشوارهم من مرآب أو من صندوق السيارة ليتحول بعد ذلك إلى أحد أثرى أثرياء العالم. باعتقادي أن الجواب على هذه الأسئلة هو نعم! فكل ما نحتاج إليه هو الفكرة المناسبة.. في هذه المقالة أود أن أشارككم أعزائي القراء هذه القصة التي قرأتها في كتاب " 100 مشروع تجاري عظيم" والتي إن لم تكن نقطة انطلاقة للبعض فعلى الأقل تكون مصدر إلهام وتحفيز للكثير منا.
قصة اليوم حول غوغل ،أحد أكبر أربع شركات في مجال التكنولوجيا إلى جانب أمازون وأبل وفيس بووك، ثامن أفضل شركة للعمل فيها حسب تصنيف غلاس دوور 2019، تحتل المرتبة 52 من حيث الدخل تحت مظلة ألفابيت حسب تصنيف فورجن قلوبال، فما المميز في هذه المنظمة؟
دخلت غوغل عالم الانترنت متأخرة نسبياً، ففي منتصف 1990 عندما كانت محركات البحث ياهو وألتافيستا ولايكوس متربعين على العرش لم يكن هناك حاجة فعلية لمحرك بحث جديد، أو على الأقل لم يكن أحد يجني الكثير من محركات البحث.
في عام 1995، قام اثنان من طلاب الدكتوراه في جامعة ستانفورد تخصص علوم الكمبيوتر وهم سيرجي برين ولاري بيج بدراسة العلاقة بين الصفحات على الانترنت لمشروع بحث في هذه الجامعة. أثناء دراسة العلاقة بين روابط صفحات الانترنت والتي تقود المتصفح من صفحة إلى أخرى، وجد الطالبين أن هذه الروابط تشكل نظام تقييم عملاق يقود المتصفحين إلى صفحات مفيدة، وبذلك قررا بناء محرك بحث يعتمد على هذا التقييم لايقدم فقط أية نتائج وإنما نتائج بحث مفيدة للمتصفح بشكل كبير.
ولكن عدم اهتمام أي مستثمر بفكرتهم كانت العقبة الأولى في مسيرتهم والتي لم تقف مطولاً أمام تحقيق نجاحهم، فقد قرر الطالبين المضي في هذا الطريق بأنفسهم، فقد استطاعوا إيجاد طرق لبناء خوادم كمبيوتر باستخدام قطع متوفرة وزهيدة السعر بدلاً من الاستعانة بشركات متخصصة تكلف مئات الآلاف من الدولارات. بدأ الإثنان أعمالهم من غرفة سكن الجامعة الخاصة بلاري بيج وبمبلغ مقترض قدره 15000 دولار. ثم في 1998 انتقلا بأعمالهم إلى مرآب ما في كاليفورنيا مع الاستعانة بأربع موظفين وبرأس مال قدره مليون دولار مقترض من المستثمرين ومن العائلة ومن الأصحاب. تطور العمل بعذ ذلك بشكل متسارع وفي عام 1999 بلغ عدد مستخدمي محرك البحث ما يقارب 10000 بحث يومياً وبنهاية عام 2000 تزايد عدد المستخدمين إلى 60 مليون يومياً وإلى 200 مليون بنهاية عام 2005. حققت غوغل أرباح بلغت 6 مليون عام 2001 وصولاً إلى 399 مليون في 2004. وفي 2005 بلغت قيمة غوغل 111 مليار دولار لتصبح أكبر شركة في العالم من حيث قيمة السهم.
كيف استطاعت عوغل أن تحقق ذلك وتتفوق على منافسيها؟ الجواب يكمن في قدرة بيج وبرين على التركيز على هدف واحد وهو الكفاءة في عملية البحث والتي تعني سرعة ودقة النتائج. وبعكس ياهو المنافس الأكبر لغوغل، فإن الصفحة الرئيسية لغوغل بسيطة وخالية من أي صور أو أخبار.
وجدت غوغل مصدر دخل مهم وهو بيع نتائج بحث محركها لشركات كبيرة مثل ياهو وهو الأمر المفاجئ للبعض، كما كان الإعلان مصدر دخل مهم لغوغل ولكن الإعلان بغوغل يختلف كما قد يلاحظ البعض، فإن الإعلان في غوغل غير بارز ويظهر بصورة كلمات فقط، فمثلاً عند البحث عن كلمة عطلة تظهر على الشاشة إعلانات مكاتب السفريات إلى جانب نتائج بحث كلمة عطلة، كما تحرص غوغل على أن تكون الإعلانات محدودة العدد ويزايد المعلنون على صفحاتها على أفضل مكان. كما تمنع غوغل ظهور الصور أو الفيديو أو حتى الشعارات وهو باعتقادي الأمر الذي خلق مزيد من الراحة للمتصفح أثناء استخدام محركات بحث غوغل مقارنة بالمحركات الأخرى.
غوغل بليكس وهو المقر الرئيسي للشركة في كاليفورنيا، والذي يلقبه البعض بجنة ال1000 موظف لما تجده من الأكل المجاني على مدار الساعة والآيس كريم اللامحدود وطاولات البينغ بونغ المتاحة، وجلسات المساج المجانية، وكبسولات النوم التي يمكن للموظف أن يأخذ قسطاً من الراحة فيها والعديد العديد من اللمسات التي جعلت بالفعل غوغل من أفضل الشركات للعمل فيها.
لم تقف غوغل عند حد محركات البحث بل وبشكل دائم تقوم بإطلاق تطبيقات جديدة مثل الاحصائيات والخرائط والصور وغيرها كثير وهو الأمر الذي حولها إلى منظمة شاملة.
أ. رهام الحساوي
عضو هيئة تدريب
بالمعهد العالي للخدمات الإدارية