كنا باختيار وأصبحنا في مسار نسعى بواسطته إلى تحقيق التنمية المستدامة التي من خلالها يتحقق الهدف المنشود وهو تحقيق الرؤية المستقبلية.
ومن شروط تحقيق أهداف الرؤية المستقبلية؛ التحول الرقمي والوصول للقيادة الرقمية والقيادة والحوكمة الرشيدة، وهي في الواقع الركيزة التي ينبني عليها كل شيء، حيث ينطبق على جميع القطاعات.. محلياً وعالمياً.
إن التحول الرقمي يوفر التكلفة والجهد بشكل كبير، ويحسّن الكفاءة التشغيلية وينظمها، ويعمل على تحسين الجودة وتبسيط الإجراءات للحصول على أفضل الخدمات للمتقدم وللمستفيدين.
كما أنه يساعد المنظمات على التوسع والانتشار للوصول إلى شريحة أكبر من الجماهير المختلفة، وهكذا تظهر حاجتنا إلى عملية إدخال التكنولوجيا الحديثة وتحويل القطاعات من نموذج تقليدي إلى نموذج رقمي، وبالتالي نلتمس حاجتنا لأشخاص ذوي إمكانيات متنوّعة وهو القائد الرقمي.
وهنا نطرح السؤال التالي:
ماذا يفعل القائد على المستوى الشخصي لكي يقود هذه العملية؟
إن القائد بمفهومنا له سمات ومميزات من خلالها يؤثّر في الآخرين، ومن تلك السمات والمميزات: المعرفة والكاريزما، والقدرة على الخطابة والتأثير في الآخرين لكي يقودهم لأداء المهام المختلفة.
لذا نحن في حاجة إلى تطوير القيادي من التقليدي إلى الرقمي؛ لكي يدفع الموظفين من النموذج التقليدي القديم إلى النموذج الرقمي الحديث، وحتى يتحقق ذلك عليه أن يمتلك العديد من المهارات، على سبيل المثال: عمل الاستراتيجيات مع الفرق المختصة لبناء خطط طويلة وقصيرة الأجل، وتشجيع وتحفيز الاتباع، وتغيير الثقافة لتحويلها من عملية صعبة الي عملية غاية السهولة حسب الكفاءات الموجودة في المنظمة.
فالقائد الرقمي لا بد أن يتميّز ببعض الصفات المهمة بجانب السمات الأساسية مثل: الإقناع، والاحتواء الأخلاقي، والقدرة على الحوار، وتوصيل المعلومات والخبرات، والتأني، وعليه أن يثري القيادة الرقمية ببعض المهارات، مثل: مهارة بناء العلاقات والتواصل، وكسر الحواجز والمعتقدات القديمة، ومهارة الانفتاح، والقدرة على الإبداع والابتكار لخلق نماذج تعتمد على التقنيات الحديثة، ومهارات العمل الجديدة كالاقتصاد الرقمي، وتعزيز هذه السمة، ومن المهارات التي يجب أن يتميز بها أيضاً المرونة في تغيير المسارات، وهنا تظهر خبرته في الأداء.
كما يجب عليه أن يكون قادراً على التنوّع في تشكيل فريق عمل التحول الرقمي ولا يعتمد على الموظفين التقنيين فقط، ولا على محللي الأعمال، ولا صنَّاع الاستراتيجيات، ولا أصحاب الأعمال اليدوية، بل يعتمد على تنوّع الوظائف.
وهنا يظهر دور القائد الرقمي في تشكيل الفريق من المختصين حسب الحاجة وليس حسب الأهواء والمزاجية والمحاباة والواسطة، كذلك لا بد أن يتحلّى بالقدرة على التحفيز المستمر، وأن يكون قدوة لهم، فالتحوّل الرقمي يحتاج للصبر والقوة؛ لأنه نقلة نوعية قد يصعب على البعض تحقيقها أو النجاح فيها.
وبذلك تظهر قوة القائد الرقمي في التحفيز ووضع نماذج ومشاريع تجريبية لتحفيز الموظفين في هذا الطريق وحضّهم على التغيير الثقافي والإجرائي والعملي، وتحديث بيئة العمل لكي تتحول منظمته من بيئة تقليدية إلى بيئة رقمية.
كما أنه لا بد أن يمتلك القائد الرقمي القدرة على الاستشعار والإحساس للتطور والتغيرات التكنولوجية السريعة، ومعرفة ما هو التعلّم الآلي وما هي أهميته في المنظمة، ومعرفة الذكاء الاصطناعي وما يقدمه من التقنيات الحديثة، وكيف يمكن دعم فريق العمل بكل ما هو متطور من روبوتات ذكاء آلي وترجمة ومحادثة... إلخ.
لذا، على القائد الرقمي العمل على قراءة المتغيرات التقنية السريعة ومعرفة أين يتم استخدام كل تقنية؟، وكيف تخدم المنظمة؟ وما المهارات المطلوبة للعمل في هذه التكنولوجيا المتنوّعة؟
فهذه المهارات تساعد القائد التقليدي للتحوّل إلى القائد الرقمي، كما تساعد في نجاح العمليات المنظمة للوصول إلى الحوكمة الرشيدة من خلال التقنيات المستخدمة بكل شفافية ونزاهة، والقدرة على التحقق من الأداء لما يتعلّق بالقرارات، والتخلص من الفساد الإداري والمالي لتحسين الأداء، وضمان نجاح الوصول للحوكمة الرشيدة عن طريق القيادة الرقمية.
فالحوكمة تساعد في ضبط منظومة المحيط التفاعلي المرتبطة مع التحول الرقمي، وتضبط تأثير التغيرات المختلفة في العناصر والمكوّنات، وتقدّم تحليلاً كلياً للمتغيرات، فحوكمة التحوّل الرقمي هي الطريق الواضح لتسهيل الأعمال بشكل يواكب التطور ويضمن التوازن بالمنظمات.
الدكتورة: ابتسام عباس النومس - قسم المواد العامة