بقلم: مهندس أحمد عبد العزيز
عضو هيئة التدريب بالمعهد العالي للطاقة -دولة الكويت
يتميز الجدول الدوري بكونه مقسم وفق خواص العناصر المرتبة فيه البالغ عددها 118 عنصراً حتى الآن، يعتبر الليثيوم أقل العناصر الفلزية في الجدول الدوري (أي أنه لا يوجد بشكل فلزات حرة في الطبيعة)، لكن الليثيوم من أهم العناصر الكيميائية في حياة الإنسان، فبالإضافة لكونه أخف المعادن على الإطلاق يستعمل الليثيوم في الكثير من المجالات الصناعية والطبية المهمة في مسيرة تطور البشرية.
الخواص الفيزيائية لعنصر الليثيوم:
تم اكتشاف الليثيوم عام 1817م من قبل الكيميائي السويدي "يوهان أوغوست أرفويدسون" (Johan August Arfwedson) في مينيرال "البيتاليت" (فله الصيغة الكيميائية LiAlSi4O10)، وبناءً عليه تمت دراسة بعض الخواص الفيزيائية لهذا العنصر، وإليكم بعض الخواص الرئيسية لعنصر الليثيوم.
- الحالة: صلبة.
- درجة حرارة الذوبان: 453.65 كلفن، 180.50 درجة مئوية، 356.90 فهرنهايت.
- درجة الغليان: 1603 كلفن، 1330 درجة مئوية، 2426 فهرنهايت.
- الكثافة: 0.534 غرام/ سنتمتر مكعب.
- نقطة الانكسار 67 نيوتن/متر مربع.
- طاقة الانصهار 3.00 كيلو جول/مول.
- طاقة التبخر 136 كيلو جول/مول.
تاريخ اكتشاف الليثيوم:
تم اكتشاف مينيرال "البيتاليت" عام 1800م من قبل الكيميائي البرازيلي "خوسيه بونيفاسيو دي أندرادا سيلفا" (José Bonifácio de Andrada e Silva) في منجم في جزيرة "أوتو" (Utö) في السويد، لكن تأخر اكتشاف الليثيوم حتى عام 1817م عندما اكتشف الكيميائي السويدي "يوهان أوغوست أرفويدسون" (Johan August Arfwedson) أثناء عمله في مختبر "جونز جايكوب بيرزيليوس" (Jöns Jakob Berzelius) وجود عنصر جديد في مينيرال "البيتاليت" يختلف عن الألمنيوم، والأكسجين، والصوديوم، والبوتاسيوم.
وفي عام 1818م اكتشف "كريستيان غميلين" (Christian Gmelin) أن أملاح الليثيوم لونها أحمر مشرق، ولكن لم يتم عزل الليثيوم عن أملاحه والحصول عليه بشكل منفرد إلا في عام 1821م على يد السيد "ويليام توماس براند" (William Thomas Brand) عندما استخدم تقنية العزل الكهربائي على ملح أكسيد الليثيوم للحصول على الليثيوم.
معلومات عامة عليك أن تعرفها عن الليثيوم:
تكافؤ الليثيوم (1) أي أنه يحوي إلكتروناً حراً واحداً يمكن أن يقدمه لعنصر آخر ليتحول إلى أيون موجب الشحنة، بسبب هذه القدرة؛ يعتبر الليثيوم ناقلاً جيداً للحرارة والكهرباء، كما يتميز بليونته الشديدة حيث يمكن أن يتم تقطيعه بواسطة سكين، ويمكن أن يتحول لونه من الفضي المبيضّ إلى الرمادي عند تعرضه للهواء الرطب.
يتميز الليثيوم بكونه يحتاج إلى حرارة أقل بكثير من باقي المعادن من أجل الانصهار، كما يعتبر الليثيوم واحداً من ثلاثة معادن يمكن أن تطفو على سطح الماء (الليثيوم والبوتاسيوم والصوديوم)؛ ويعود ذلك إلى كثافته المنخفضة جداً.
ما هي أهمية الليثيوم؟ وما هي استعمالاته؟
يدخل الليثيوم في كثير من المجالات الصناعية والطبية، كما تستخدم أملاحه وأكاسيده في الكثير من الأمور التي نتعامل معها يومياً، لكن هل تعرف ما هي هذه الأمور؟ وهل كنت تعلم أنك تستخدم الليثيوم يومياً في حياتك؟
الليثيوم مكون أساسي في صناعة السيراميك والزجاج:
بسبب قدرته العالية على مقاومة الحرارة ولأنه يحتاج إلى درجة عالية من الحرارة حتى يتخرّب؛ تدخل أكاسيد الليثيوم في مجال صناعة الزجاج من أجل تحسين مواصفاته وخصائصه، كما تعد "كربونات الليثيوم" (Li2Co3) المكون الرئيسي في صناعة السيراميك؛ بسبب قدرتها على تخفيض المعاملات الحرارية بالتالي تحسين خصائص السيراميك المتعلقة بالحرارة.
الليثيوم في مجال الكهرباء والإلكترونيات:
في أواخر القرن العشرين أصبح الليثيوم عنصراً هاماً للبطاريات والخلايا الكهربائية؛ وذلك بسبب قدرته العالية على التأين (التحول لشوارد موجبة أو سالبة)، وبسبب كتلته الذرية المنخفضة؛ يمكن لعنصر الليثيوم أن يمتلك حرية كبيرة في مجال الشحنات الكهربائية، المميز في بطاريات الليثيوم أنها تقدم أداءً أفضل من باقي أنواع البطاريات، حيث تولد ما يقارب 3 فولت لكل خلية مقارنةً مع 2.1 فولت لبطاريات الرصاص و1.5 لبطاريات الزنك والكربون.
تخلص من بقع الزيت الموجودة على ملابسك:
يعاني الكثيرون من وجود بقع زيتية على الملابس ويواجهون مشاكل كثيرة للتخلص منها ولكن تم إيجاد الحل السهل للتخلص من هذه البقع، (يعد هيدروكسيد الليثيوم قاعدة قوية لاستخدامها في صناعة الصابون حيث يعتبر "صابون الليثيوم" مميزاً بقدرته على التخلص من الزيوت بكل سهولة.
التعدين (الليثيوم أساس صناعة الكثير من المعادن المستعملة في الصناعات):
لا يمكن استخدام المعادن الخام في الصناعات لعدم مرونة خصائصها الفيزيائية والكيميائية؛ فيلجأ القائمون على الصناعات إلى استخدام خلطات معينة للحصول على المعدن المناسب من أجل الصناعة المناسبة، لذلك تستخدم مشتقات الليثيوم مثل "فلوريد الليثيوم" كمواد مضافة للألمنيوم من أجل تخفيض درجة حرارة انصهاره وتسريع عملية التعدين (تحويل المعادن الخام إلى الأشكال المطلوبة في الصناعة).
الليثيوم العنصر المرح:
جميعنا قام بالاحتفال واستخدام الألعاب النارية مرة على الأقل، لكن هل تعلم من أين جاءت هذه الألوان الجميلة التي تنتشر في السماء؟
تستخدم مركبات الليثيوم في صناعة الألعاب النارية من أجل الأصوات المتفجرة ومن أجل الألوان الجميلة التي نراها خاصةً اللون الأحمر.
دور الليثيوم في حماية الطبيعة من التلوث:
يمكن لمعدن الليثيوم تنقية الهواء والحفاظ عليه نظيفاً وصالحاً للتنفس؛ بالتالي يساعد على حماية الطبيعة من التلوث الهوائي، ولكن كيف؟
يمكن لبعض مركبات الليثيوم مثل "كلوريد الليثيوم" و"بروميد الليثيوم" - التي تستعمل في الكثير من المناطق المحصورة مثل المركبات الفضائية والغواصات - إزالة غاز ثنائي أكسيد الكربون وتنقية الهواء، حيث تقوم مركبات الليثيوم بسحب غاز ثنائي أكسيد الكربون من الهواء الملوث وتشكيل "كربونات الليثيوم".
أما بالنسبة لمركب "الليثيوم بيروكسيد" (Li2O2) فهو لا يمتص غاز ثنائي أكسيد الكربون فقط، بل ويطلق غاز الأوكسجين أيضاً وفق المـــــــعادلة الكيميائية:
Li2O2 + 2 CO2 → 2 Li2CO3 + O2.2
استعمالات الليثيوم في المجال الحربي:
استطاع الليثيوم أن يدخل ساحة القتال وصناعة الأسلحة باستعمال بعض مركبات الليثيوم كإضافات لوقود الصواريخ من أجل زيادة فعالية هذا الوقود لتقليل احتراقه بشكل يمكِّن الصاروخ من قطع مسافات أبعد، في حين يمكن لـ "هيدريد الليثيوم" أن يستعمل بحد ذاته كوقود صلب للصواريخ القتالية.
استعمالات الليثيوم في المجال النووي:
تستعمل نظائر الليثيوم (نفس عنصر الليثيوم، تتماثل بالعدد الذري لكن تختلف بالعدد الكتلي) في مجال صناعة الأسلحة والقنابل النووية والهيدروجينية، كما يتم استعمال بعضها في المفاعلات النووية من أجل تبريدها لتجنب وقوع الكوارث في حال ارتفاع حرارة هذه المفاعلات.
الاستعمالات الطبية لعنصر الليثيوم
الليثيوم لعلاج اضطراب ثنائي القطب:
بالإضافة إلى كل تلك المجالات التي يدخل الليثيوم ومركباته فيها وصلت أهمية الليثيوم إلى علاج بعض الأمراض مثل الاضطراب ثنائي القطب والكآبة والميول الانتحارية، حسب ملخص دراسة نشرت عام 2007م على الموقع الإلكتروني "المركز الوطني لمعلومات التقانة الحيوية" (NCBI) التي وصلت إلى امكانية استعمال "كربونات الليثيوم" لمعالجة الاضطراب ثنائي القطب عند كشفه بعمر مبكر عند الأطفال ، مع الحرص على الكمية المناسبة للجرعة المعطاة حتى لا تتحول إلى جرعة سامة .
يساعد الليثيوم على انخفاض معدلات الانتحار:
أوضحت المجلة البريطانية للصحة النفسية (The British Journal Of Psychology) في دراسة نشرتها على الموقع الإلكتروني الخاص بها عام 2011م أن ارتفاع مستويات الليثيوم الطبيعية في مياه الشرب يرتبط بشكل وثيق مع علاج الكآبة الانتحارية وانخفاض نسب الانتحار.
صحة جسدك ترتبط بوجود الليثيوم أحيانا:
يحظى الليثيوم بفرصة تقديم المساعدة لأعضاء الجسد المختلفة أيضاً، حسب الموقع الطبي العالمي (WebMD) فإن الليثيوم يساعد في علاج الصداع والآثار المتعلقة بإدمان الكحول، كما يساعد مرضى السكري، ويحافظ على سلامة الكلى، ويعالج التهاب المفاصل والأمراض الناتجة عن إفراط مفرزات الغدة الدرقية، بالإضافة للكثير من الفوائد المتنوعة الأخرى.
ولايزال الباحثون يقومون بمختلف الاختبارات من أجل الوصول إلى الفوائد الصناعية والطبية الأخرى التي يقدمها الليثيوم.
مخاطر الليثيوم على الصحة:
كن حذراً أثناء استعمال الليثيوم بشكل شخصي دون العودة للمختصين الصناعيين أو الأطباء حيث يمكن أن يسبب مقداراً كبيراً من الأذى، في حال ملامسة الليثيوم للجلد أو تنفس غباره أو أي مركب من مركباته؛ لأنها تهيج الأنف والحنجرة.
كما أن التعرض بشكل مستمر لهذه المركبات يمكن أن يسبب تراكم السوائل في الرئتين، لذلك يجب القيام بإجراءات وقائية خاصة قبل التعامل مع الليثيوم أو أيّ من مركباته.
الاحتياطي العالمي وأماكن تواجد الليثيوم في العالم:
تم تقدير الاحتياطي العالمي من الليثيوم في جميع أنحاء العالم (13 مليون طن)، تنتشر هذه الاحتياطات في الكثير من دول العالم مثل أميركا وتشيلي والأرجنتين، في أميركا الجنوبية يتم استخراج الفلزات التي تحوي الليثيوم من سلسلة جبال الأنديز، لكن تشيلي والأرجنتين تستخرجانها من المياه المالحة.
أما في الولايات المتحدة الأميركية فيتم استرداد الليثيوم من البرك المالحة في ولاية نيفادا، ورغم وجود الليثيوم في كل الدول السابقة تعتبر بوليفيا صاحبة نصف الاحتياطي العالمي من مخزون الليثيوم وذلك على طول المنحدر الشرقي الأوسط من سلسلة جبال الأنديز.
طرق إنتاج الليثيوم، وأهم الدول المنتجة له في العالم:
منذ اكتشاف عنصر الليثيوم عام 1817م وحتى اليوم لم يتوقف البحث عن هذا العنصر واستخراجه، لكن زاد إنتاج الليثيوم بشكل واضح منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى هذا اليوم، حيث يتم فصل هذا المعدن عن العناصر الأخرى عن طريق التحليل الكهربائي.
ومنذ عام 2015م اعتبرت أميركا الجنوبية المنتج الأول لعنصر الليثيوم في العالم عن طريق استخراجه من محلول ملحي بعد تجفيفه بواسطة أشعة الشمس.
فيما يلي ترتيب الدول التي تقوم حالياً باستخراج الليثيوم من مناجم خاصة في أراضيها:
في النهاية، كما لاحظنا يعد عنصر الليثيوم من أخف المعادن على الإطلاق، كما يتميز بخواص فيزيائية وكيميائية متنوعة ومتعددة جعلته في مقدمة المعادن المستعملة في الصناعات وأيضاً في مجال الاستعمال الدوائي، لكن - كما ذكرنا سابقاً - التعامل مع هذا العنصر بدون استشارة المختصين يمكن أن يسبب الكثير من الأضرار الجسدية والصحية؛ لذلك لابد من اتخاذ كافة التدابير الوقائية قبل التعامل معه.