م ن ح ة
يحبس العالم أنفاسه هذه الأيام مع اقتراب وباء (كورونا) من ذروته، أو هكذا يبدو. هذا الوباء الذي طبّق الآفاق، وغطّى أنوف البشر بالكمائم من أقصى الأرض إلى أقصاها. ولأنني لستُ من أهل الاختصاص فلن أخوض في الجانب الوقائي، أو ما يجب أن نفعله لمواجهة هذا الوباء كما يفعل أبو عبد المحسن وأبو يوسف([1]).
لا يحتاج الإنسان إلى عينيْ زرقاء اليمامة، ولا إلى فطنة عمرو بن العاص لكي يتيقن أن المشهد يشبه ريش الغراب: وفيات مسجلَّة أو متوقعة، حجر صحي على أفراد ومدن، اقتصادات تهتز، علاقات دولية متوترة . . . وقد تكون الأيام القادمة حُبلى بما هو أقسى.
ومع دخول مرافق الدولة في إجازة لمدة أسبوعين، قابلة للتمديد، ومع إلغاء الصلوات في المساجد نكون قد دخلنا (حظر تجوّل) يفرضه العاقل على نفسه، ومَن هو تحت وِلْيَته. ومَنْ يدري فقد تفرضه السلطات في قابل الأيام؟
هذا المشهد الحالك تراءت لي خلاله بقعة بيضاء تتمثل في (وفرة الوقت)، هذا الوقت الذي يمكن أن:
1- أُعيد اللياقة إلى لغتي الأجنبية المترهلة.
2- أبدأ في تأليف الكتاب الذي تملأ بطاقته وجذاذاته ذلك الملف.
3- أقرأ الكتاب الذي بدأت قراءته قبل فترة ولم أُتمه.
4- أجمع مادة ذلك البحث الذي قدحت فكرته في ذهني منذ زمن.
5- أتعلم، أطوّر، أنمي . . . إلى آخره
نحن نعيش في زمن يحمل كل فرد منا جامعات العالم، بمحاضراتها وندواتها ومؤتمراتها، في هاتفه المحمول، وجهازه اللوحي. فلنستفدْ من هذه المحنة، ولنقدم نونها على حائها.
([1]) اثنان من جيراننا، لا علاقة لهما بالطب، لكنهما يُفتيان في أدق مسائله.