الملتقيات الثقافية المتميزة ذات قيمة كبيرة، إذ إنها تتيح الفرصة التفاعلية لأكبر عدد ممكن من المشاركين، لتبادل الخبرات ولرؤية أطياف
مجتمعية تلعب دوراً مرموقاً في خدمة العلم. بدعوة كريمة من رئيسة لجنة «مهندسات الكويت» في جمعية المهندسين الكويتية المهندسة معالي اليوسفي، حضرتُ قبل أيام ملتقى «المرأة الكويتية في عيون عالمية». ورأيتُ هناك شغف نساء الكويت وثقتهن بأنفسهن، وهن يعرضن قصة كفاحهن، وبفخر يتحدثن عن طرف من إنجازاتهن المهنية، ويحكين بطلاقة عن قدراتهن الرائعة في تجسيد معاني الإيجابية والعطاء في المحافل العربية والدولية على حد سواء.
قدّم الملتقى ــ بأسلوب موفق ــ نماذج نسوية تعد رائدة في مجال الهندسة، ذلك العلم العريق والحيوي، وهنا نتوقف لنؤكد سلامة السياسات التعليمية الكويتية الداعمة لتمكين المرأة في مجال العلوم، فالفتيات ثروات لا تقدر بثمن. لقد اطلعت على تجارب فتياتنا في مهنة الهندسة، التي تعتمد على المشاريع القائمة على الاتقان والجودة والتميز وفق المعايير الدولية.
إن تسليط الضوء الإعلامي على نجاحات المهندسات الكويتيات ضرورة فعلية لفتياتنا كي يتجهن نحو المهن العلمية والعملية الناهضة بالمجتمع، والقادرة على اكتشاف ذواتهن. وإنني أجد هذه الملتقيات والحوارات التي تنبثق منها من الأهمية بمكان، ليس لأن النساء شقائق الرجال في بناء الأوطان فحسب، بل لأن المرأة عموماً عانت الكثير من صنوف التهميش عبر القرون. ولئن كانت المرأة قديماً ــ في الغالب ــ عاجزة عن كتابة المؤلفات وغيرها عن جوانب نبوغها بقلمها، فإنها اليوم بحمد الله تجد في الحياة المدنية ميداناً فسيحاً لتوثيق تجاربها ومشاعرها والتعبير عن مكنوناتها بحرية أكبر.
إن طالباتنا في مرحلتي الثانوية والجامعية بحاجة إلى الإفادة من هذه الملتقيات النسائية الهادفة. واقترح دعوة الطالبات في المرات المقبلة إلى الاستماع ليتعلمن من هذه الملتقيات فن مزاولة المهنة وممارسة الحياة الأسرية بتوازن وحكمة عبر رؤية قدوات وطنية. كما تتعلم الفتاة عملياً أهمية الطموحات لتصل إلى مرحلة العالمية، من الجميل تقديم صورة حسنة عن المرأة الشرقية في عيون العالمية، وهذه الملتقيات خطوة من الخطوات الرائدة في بناء وطن معطاء يزخر بالطاقات الطامحة إلى العلياء، والمتطلعة إلى العطاء.
بناء على معطيات الملتقى فمن الواضح أن العمل التطوعي للمهندسات الكويتيات ركيزة أساسية في مسيرتهن الوظيفية، إذ لم تقتصر المجهودات التطوعية على العمل داخل الكويت وترميم البيوت للمحتاجين، ولكن توسعت الأنشطة لتشمل دولاً عديدة حول العالم وهو أمر يثلج الصدر.
كلما وجدنا مجتمعاً يقدر اسهامات النساء ويفسح لهن المسارات لتحقيق ذواتهن، فثمة سياسة حكيمة، وإدارة بصيرة، ومجتمع كريم يستحق الرفعة والعزة والتقدم.
لقد نجحت جمعية المهندسين الكويتية في تشجيع الفتيات على ممارسة القيادة فكريا ونقابيا ومجتمعيا، ونأمل من جميع مؤسساتنا اعتبار المرأة شريكة في بناء الحياة. إن فاعلية المرأة دلالة على رقي المجتمع ثقافة وعملا.