بقلم: ابراهيم الشهاب
استاذ في معهد التمريض
في عام 2015 كنت أشاهد فيلمًا اسمه colonia وهو فيلماً تاريخياً تشويقياً عن منظمة سرية معزولة وكيف كانوا يسيطرون على الأشخاص داخل هذه المنظمة ويقومون بغسل أدمغتهم وتعذيبهم بطريقة عنيفة حقاً.
وبعد مشاهدتي لتلك الأحداث، تسائلت هل هناك أي حادثة استند عليها الفيلم؟ وماذا سيحدث إذا عزلت الناس عن بيئتهم المعتادة إلى بيئة جديدة؟
هل سألت نفسك يومًا كيف يمكن لـ 900 شخص الانتحار ببساطة؟ لأنه طُلِبَ منهم ذلك؟ هل سألت نفسك يومًا ما هي القوة التي تؤثر عليهم لقتل أنفسهم؟ هل سنتصرف بنفس الطريقة إذا كنا في مكانهم تحت نفس الظروف؟
فمن كان ذلك الشخص الذي استطاع أن يسيطر على عقول هؤلاء دون أي ندم !! كانوا يتبعونه كما لو كان نبياً أو إلهًا.
نحن نتحدث عن جيم جونز!!!
كان جيم جونز قسًا أنشأ ديناً جديدًا تحت مسمى "معبد الشعب" رسالته جمعت بين عناصر المسيحية والأيديولوجية الشيوعية والاشتراكية.
في وسط الغابة في جيانا في أمريكا الجنوبية ، أنشأ جيم جونز دينه معبد الشعوب، لقد خلق دولة داخل دولة ، وأسماها مدينة جونز نسبة له.
لكن ما حدث قد صدم العالم أجمع؟!!
شرب حوالي 900 شخص السيانيد القاتل حتى ماتوا ، بناءً على أوامر زعيمهم، جيم جونز، أعطى الآباء والأمهات المشروب المميت لأطفالهم ثم شربوه بأنفسهم. كانت الجثث في كل مكان، كانت صدمة! لم يصدق أحد ما حدث ؟
"كان جيم جونز عبقرياً في التحكم بالعقل وكان يعرف تماماً ما كان يقوم به، لم أرى شيئاً كهذا من قبل ... لكن العزلة منحته السيطرة المطلقة" هذا ما قاله الدكتور سخديو وهو طبيب نفسي وصل إلى الغابة لدراسة الوضع بشكل عام وجيم جونز بشكل خاص ومكث هناك لمدة 3 أسابيع.
النظرية المفسرة للسلوك الجماعي :
التفكير الجماعي هو ظاهرة نفسية يسعى فيها الناس للتوصل إلى إجماع داخل المجموعة.
في كثير من الحالات، يتنحى الناس عن معتقداتهم الشخصية أو يتبنون رأي بقية المجموعة، وقد تم استخدام هذا المصطلح لأول مرة في عام 1972 من قبل عالم النفس الاجتماعي إيرفينغ ل. جانيس.
محاولة جانيس لتحديد سبب اتخاذ المجموعات المكونة من أفراد أذكياء للغاية قرارات سيئة جددت الاهتمام بدراسة كيفية تأثير سلوكيات المجموعة، والتحيزات، والضغوط على عملية صنع القرار الجماعي.
وأصبحت نظرية Groupthink مقبولة على نطاق واسع خاصة في مجالات علم النفس الاجتماعي، وتحليل السياسة الخارجية، والنظرية التنظيمية، وعلوم صنع القرار الجماعي، والإدارة وعلى هذا النحو تم إحياء الفكرة للمساعدة في تفسير المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل قبل حرب العراق (2003).
حددت جانيس عدًدًا من الشروط الهيكلية التي تؤدي إلى التفكير الجماعي، والمتعلقة بتماسك مجموعة اتخاذ القرار، والقواعد الرسمية التي تحكم عملية صنع القرار وطبيعة قيادتها والتجانس الاجتماعي للمشاركين، بالإضافة إلى الظروف الاجتماعية والنفسية التي يعيشون فيها.
استخدم جيم جونز قوة الجماهير أو قوة التفكير الجماعي كأداة لإجبار أتباعه على الانصياع وتأكيد ما قاله أو فعله.
كما أنه استخدم هذه الوسيلة لكسب ولائهم، لقد طلب من أتباعه التجسس على بعضهم البعض، وبث الرسائل من مكبرات الصوت حتى يكون صوته حاضرًا دائمًا أثناء العمل والنوم والأكل.
كما أمر المتابعين بإدلائه بتصريحات مكتوبة حول مخاوفهم وأخطائهم، ثم إذا عصوا أمره، استخدم تلك المعلومات لإذلالهم أو تعريضهم لأسوأ مخاوفهم أثناء الاجتماعات العامة.
عليك أن تقتل نفسك قبل أن يصلوا إليك.. هكذا قال جونز لأتباعه اذا ما حاول أحد
الوصول إليهم من العدو، كما أنه سمح لأتباعه بممارسة التدريبات على الانتحار مرارًا وتكرارًا وأطلق على هذا النوع من التدريب بالانتحار الثوري. مأساة جيم جونز مأساة لن تتكرر !! مأساة عصفت بتاريخ البشرية وأثبتت إمكانية السيطرة على البشر بسهولة اذا قمت بعزلهم عن محيطهم المعتاد.